mercredi 18 mai 2011

اسم الكتاب: كيف نواجه مشـاكلنا ؟

لهروب من المشاكل :

الهروب من المشكلة كالهروب من المرض ، أي تركه يستفحل من غير علاج، فقد يكون العلاج سهلاً في البداية، لكنّه مع الترك والإهمال قد تحدث مضاعفات ليست بالبال ولا بالحسبان .
وكذلك هي المشكلة فقد يهرب صاحبها من مواجهتها بأساليب متعدِّدة قد يكلّفه بعضها حياته، ولو كان أعطاها جهده ووقته وتفكيره لكان اهتدى إلى ما يخرجه من قبضتها .
إنّ البعض من الشبّان يلجأ ـ في سبيل التخلّص من مشكلته ـ إلى بعض الأساليب المنكرة والمستهجنة وغير الجائزة شرعاً لينجو منها ولو لفترة ، فهو يكذب مثلاً لينال مأربه ، أو لينفذ بجلده ، أو يسرق ليلبّي بعض احتياجاته المادّية ، أو يسدّد بعض ديونه ، أو تراه يغشّ ليجتاز امتحاناً لم يستعد له بشكل جيِّد ، وأحياناً ينفّس عن مشكلته الخانقة بالعدوان والانفعال والسباب والشتائم وبغير ذلك من طرق العنف التي تزيد الطين بلّة .
وأخطر من ذلك أن يهرب الشاب من وجه مشكلته ليطمس وجهه وصحّته في المخدّرات أو المسكّرات ظنّاً منه أ نّها العلاج الشافي والحل الوافي بما تنسيه ـ ولو بنحو مؤقّت ـ شيئاً من همومه ، في حين أ نّها تجرّ عليه من الهموم والمشاكل ما يجعله أسير المسكّرات ومدمناً للمخدّرات ومرتكباً للمحرّمات فيما بقيت مشكلته الأصليّة تراوح مكانها من غير حلّ ، فسرعان ما تتبخّر المؤثرات المخدّرة أو المسكرة وتطفح المشكلة أو تطفو على السطح من جديد .
ولعلّ أشد وسائل الهروب خطورة هي اقدام صاحب المشكلة على وضع نهاية مأساوية لحـياته بالانتحار الذي يعتبره بعض اليائسين الفاشلين الحل الأنسب لمشكلة عويصة أو عدّة مشاكل تعصف بهم ، فلا يرون من سبيل للخلاص من ضغط هذه المشاكل إلاّ بالخلاص من الحياة نفسها .
فلقد لوحظ في بعض إحصـائيّات الانتحار أنّ حوادثه تقع في السنوات ما بين ( 16 ـ 20 ) سنة وهو عمر المراهقة والبلوغ والشباب، وأ نّه يحصل أحـياناً لأتفه الأسباب إمّا للانتقام من الآخرين الذين كانوا السـبب في نشوء المشكلة أو تفاقمها ، أو للتعويض عن حالة كالحـرمان الشديد الذي كان المنتحر يقاسيه قبل اتّخاذ هذه الخطوة الجنونية أو للفرار من الصعوبات التي يتصوّر المنتحر في مرحلة ما أ نّها غير قابلة للتحمّل وأ نّه لم يعد له طاقة أو قبل بها .
ومع أنّ بعض علماء النفس يرون أنّ الانتحار هو تعبير عن حبّ المنتحر لنفسه لأ نّه يسعى لتخليصها من عذابها ، إلاّ أ نّنا نعتبر ذلك حبّاً مريضاً قاتلاً ، فالحياة التي خلقها الله بحكمته وبرحمته كانت وما زالت وسوف تكون مدرسة يمكن أن نتعلّم منها حلولاً عديدة وليس حلاًّ واحداً للمشاكل التي نواجهها ، فلماذا نختار أسوأ الحلول أو الحل الوهمي لمشاكلنا .. ؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire